Tuesday, September 16, 2008

كتلة «قوّات» الإصلاح والتغيير وكتلة «قوّات» جعجع


يجول سمير جعجع قائداً للقوات اللبنانية ويصول، ولكن ترتفع أصوات من القوات ومن محيطها مطالبة بإرث طويل من عملها وقتالها، وبمواقع لم تكن يوماً لجعجع، ويخرج من بين الحشود من رافق مؤسس القوات بشير الجميل، وبعض من ذريته، مرشحين أنفسهم للانتخابات النيابية، وهذه المرة ضد جعجع نفسه
غسان سعودوسط كثرة السيناريوات الانتخابيّة، يتصور البعض أن يضم تكتل التغيير والإصلاح المقبل كتلة قواتيّة.فبعدما احترم العماد ميشال عون عام 2005 الحيثيات العائليّة وبعض الحيثيّات الحزبيّة مثل حزب الكتلة الوطنية ممثلاً بالنائب سليم سلهب، ثمّة من يأمل أن يسعى عون ليضم تكتله في انتخابات عام 2009 كتلة قواتيّة تعبر عن الحيثيّة القواتيّة «الأصيلة» بصفة كون القوات «نقطة تقاطع لأحزاب مسيحيّة عديدة، وليست فريقاً مسيحياً يترأسه رئيس الهيئة التنفيذية سمير جعجع».عدد القوات الذين يرجح فوزهم على لوائح عون سيكون أكثر من أولئك الذين سيجتمعون تحت مظلة سمير جعجع، في ظل أمل البعض أن تكون «قوات» الإصلاح والتغيير ممثلة لمناطق ذات رمزية قواتيّة كبيرة.

وفي الأسماء، تأكد تزعم المسؤول القواتي السابق مسعود الأشقر لائحة التغيير والإصلاح في دائرة بيروت الأولى التي تضم مناطق الأشرفية والرميل والصيفي، وسط ترجيحات إحصائية تحسم فوزه بمقعد هذه الدائرة الماروني، فيما لم تجد قوات جعجع بعد مرشحاً لها في هذه الدائرة. وهي بحكم تحالفاتها، قد لا تجد أمامها إلا مقعداً أرمنياً يفترض بمرشحه أن يزاحم حزب الطاشناق عليه.وإضافة إلى الأشقر، بدأ أخيراً تداول ثلاثة أسماء لم يحسم بعد أمر تبني رئيس التغيير والإصلاح ترشيحهم: الأول هو رئيس حزب التضامن إميل رحمة صاحب المسيرة القواتيّة الحافلة، الذي ينقل البعض عنه سعيه للحلول في مقعد دائرة بعلبك ـــــ الهرمل الماروني محل النائب الكتائبي نادر سكر المؤيد بدوره أيضاً لتوجه عون السياسي. من هنا، أياً يكن المرشح، فسيحجز لنفسه مقعداً يخطفه من قوات جعجع الذي يملك في بلدة دير الأحمر وجوارها نفوذاً كبيراً.أما الاسم الثاني، الذي سيسبب، وفق المراقبين، إرباكاً كبيراً لجعجع، فهو ترشح أبرز القادة الميدانيين السابقين في القوات، جوزف الزايك عن أحد مقاعد كسروان المارونيّة الخمسة. بينما يدور نقاش وسط قوات جعجع حول النتائج المحتملة لترشح جعجع نفسه في كسروان في ظل غياب أيّة أسماء قواتيّة يمكن الرهان عليها لحجز أحد المقاعد الكسروانيّة.ثالث الأسماء هو جو إيلي حبيقة، وارث أبرز من وقف، باسم القوات، في وجه جعجع عسكرياً وسياسياً، إذ يقال إن ثمة بحثاً في احتمال اتساع لوائح التغيير والإصلاح في بعبدا أو في مكان آخر لحبيقة الوارث عن والده صفات عديدة من بينها نوعية العلاقة مع جعجع.يضاف إلى هؤلاء الأربعة، بضعة أسماء لكتائبيين وقوات وأحرار يحتمل أن تتسع لهم لوائح التغيير والإصلاح، من المسؤول السابق في حزب الوطنيين الأحرار جوزف مخايل في عكار إلى أحد أعتق الوجوه الكتائبيّة السابقة رشاد سلامة في جزين، حيث تؤكد الأرقام أن حيثيّة هؤلاء في مناطقهم أكبر بكثير من حيثية أحزابهم هناك. وهم يستطيعون أن يلونوا تكتل التغيير والإصلاح بألوان أحزابهم، ويؤكد عون عبرهم احترامه لحركة المجتمع المسيحي التاريخيّة.وفي التفاصيل، يشرح جوزف الزايك، شقيق المسؤول القواتي الياس الزايك الذي يُتهم جعجع باغتياله، أن معظم اللبنانيين باتوا يعرفون كيف يحاسبون، و«في كسروان تحديداً يعتبر جعجع مديناً، وعليه أكثر مما له بكثير». مذكراً بأن أهل فتقا وأدما والقليعات الذين احترقوا بنار قوات جعجع لم ينسوا ما تعرضوا له، حالهم حال أهل الضباط الذين قتلوا أمام أهلهم وأحرقت طوافاتهم، وقد شاهدوا جعجع أخيراً يطالب حزب الله بالاعتذار قبل أن يعتذر هو نفسه.ويتساءل الزايك عن حيثيّة الذين يعينهم جعجع اليوم في مناطقهم، موضحاً أن عمر علاقة قدامى القوات مع أهل مناطقهم من عمر تأسيس القوات، حين كان كل واحد منهم يقنع أهل بلدته بتطويع أبنائهم للقتال مع القوات، ولم ينقطع لاحقاً التفاعل بين رموز القوات ومجتمعهم. من هنا، يقول الزايك: «نحن نتكل على أصدقائنا القواتيين والكتائبيين، وأنا أثق بأن 90% من كتائبيي كسروان يؤيدونني».فيما يؤكد أحد زملائه أن مشاركتهم في الانتخابات، ترشيحاً، تنطلق من مقاربتهم للمرحلة السياسية. وهم يصرون على خوضها في مناطق يعتبرونها تمثل العمق الاستراتيجي للمسيحيين، والفائز فيها يفوز معنوياً بزعامة المسيحيين.من جهة أخرى، يرى أحد المتابعين لحركة قدامى القوات أن التجربة أثبتت أن التيار الوطني الحر لا يستطيع الوقوف في وجه القوات اللبنانيّة، فيما جعجع يعرف ويهاب مواجهتهم، وهو يعلم أن خبرة هؤلاء ميدانياً تفوق خبرة المتحلقين حوله «معتزين ببطولاته في الحروب المسيحيّة ـــــ المسيحيّة». ويشير المتابع إلى أن تبني عون ترشيح هؤلاء (سبق للزايك أن انسحب عام 2005 حتى لا يحرج عون) سيدفعه إلى القول لاحقاً أنه هو، لا غيره، المعبّر تمثيلاً وقولاً عن القوات اللبنانيّة، تماماً كما يفترض أن يكون، بحكم تنوع التكتل، ممثلاً عن المردة والطاشناق والسكافيين والكتلويين والمستقلين، وغيرهم من القوى التي يفترض أن تتلاقى في تكتل التغيير والإصلاح.فيما يرى آخرون أن مجرد ترشح بعض الأسماء، مثل الزايك، يربك جعجع ويحرجه لأنه يفتح جروح المجتمع المسيحي التي كان جعجع شريكاً في معظم التهاباتها. بينما يعاني جعجع مشكلة عدم إنتاج مؤسسته الحزبية طاقات شابة يستطيع خوض غمار الانتخابات فيها (على غرار التيار الوطني الحر حيث يوجد عشرات الأسماء في كل دائرة)، إضافة إلى قلقه من المعالم الأولية لانقلاب حلفائه عليه أو حرجهم لعدم استطاعتهم تعويض ضعف حضوره مسيحياً عبر إعطائه نواباً من حصصهم سواء في الشوف أو في الشمال.ثمّة نقطتان أساسيتان في كلام مسؤولي القوات السابقين:1ـــــ اعتبارهم أنهم كانوا يمثّلون نقطة الوصل بين قواعد القوات، من كتائبيين ووطنيين أحرار وحراس أرز، وقيادتها. وبعد إبعادهم من الحزب، لم يُملأ الفراغ الذي خلفوه، الأمر الذي يعوق انطلاقة جعجع بالحزب.2ـــــ تأكيدهم أن الحزب في شكله الحالي وقيادته لا يستطيع الانطلاق وتأسيس مكانة شعبيّة له على الخريطة السياسيّة خارج نطاق بعض أقضية الشمال، لأن الكتائبيين والأحرار وغيرهم عادوا إلى أحزابهم بعد إدخال جعجع القوات في صراعات عبثيّة. ولم يبق في الحزب إلا أبناء منطقتي بشري ودير الأحمر الذين انتموا إلى القوات مباشرة وليس لهم أصلاً جذور كتائبيّة. وبالتالي، عمر معظم هؤلاء السياسي والعسكري بدأ منذ وصول جعجع إلى القيادة.
حزب بلا محازبين
حتى اليوم، ليس هناك في حزب القوات اللبنانية أي محازب باستثناء هيئته التأسيسيّة، إذ لم يقر النظام الداخلي بعد، ولا فتح باب الانتساب. وقد تأخر مؤتمر القوات العام ثلاث مرات، عام 2006 بسبب حرب تموز، وعام 2007 بسبب التطورات السياسية، وهذا العام بداعي «الفراغ الرئاسي». وإذ تصدف الانتخابات النيابية السنة المقبلة، تقرر تأجيل المؤتمر العام إلى ما بعد الانتخابات. مع العلم أن المؤتمر العام يطلق آلية اختيار مسؤولي الحزب على مستويات القيادة والمصالح والمناطق ديموقراطياً بدل أن تبقى كل الأمور في يد سمير جعجع وحده. وبحسب البعض فإن تتالي تصريحات مسؤولي القوات عن نيتهم تبنّي ترشيح شخصيات ذات حيثية في مناطقها قد لا تكون قواتيّة، يعبر بطريقة أو بأخرى عن اعتراف قواتي غير مباشر بفشلهم شعبياً. مع العلم أن قوات جعجع، حتى في الجامعات، كانوا يتحاشون قدر استطاعتهم التحالف مع المستقلين. وهم في تصرفاتهم خلال 3 سنوات في المناطق لم يظهروا كبير مراعاة للحيثيّات المناطقيّة والعائليّة.
عدد الثلاثاء ١٦ أيلول ٢٠٠٨

No comments: